الأحد، 30 أكتوبر 2011
الخميس، 20 أكتوبر 2011
الأربعاء، 19 أكتوبر 2011
ثوار لم يشهدوا الثورة!! بقلم سيد زيدان …
آن الآوان لوقف عذابات هذا البلد وإنهاء بؤسه وضعفه.. آن الآوان لأن نمنح هذا البلد مناعة حقيقية ضد غوائل الزمن وافتراء الطغاة من الداخل والخارج.. آن الآوان لأن نقطع دابر اليأس ونعيد الأمل ببريقه وروعته إلى مصر والمصريين.. آن الآوان لأن نستعيد لمصر سعادتها ومجدها وسؤودها.. وأن نصنع مستقبلاً يليق بالبلد الذي ولدت فيه الحضارة، وابتدأ فيه التاريخ”
بهذه الكلمات عبر د. محمد السيد السعيد عما يجول بصدره حين يرى مصر مهد الحضارة ومنبع الضمير الانسانى تعاني من وطأة التخلف والفقر، بما يجعلها عرضة لمزيد من التهديدات والمخاطر التي تحيط بها في ظل نظام دولي غاشم وشديد القسوة، يهيمن عليه الأقوياء والأغنياء.
كان مؤرقا كثيرا بما وصلت اليه أحوال مصر من تدهور وماوصل اليه حال ابنائها من معاناة فاق الى حد كبير كل ماعناه امثالهم طوال تاريخ مصر بالكلية
ولهذا كان يرى ان تحقيق التقدم المنشود والحرية المأمولة لمصر هى عملية يقع الانسان المصرى فى القلب منها لأنه غايتها وهدفها.
كما يرى ان الترجمة الحقيقية للتقدم والرقى يتمثل فى تمتع الانسان بالحرية وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها حريات الضمير والاعتقاد والتعبير والتجمع والمشاركة السياسية، وأن يبلغ احترام وصيانة كرامة الإنسان درجة التقديس.
لكن وانت تقرأ هذا الكلام ربما يجرى على لسانك ايها القارئ العزيز ما قلته ذات مرة وانا اقرأ مقالات سابقة عن الحرية والعدالة والضمير الانسانى :
أين الجديد ؟ فلطالما تكلم الكثيرين وحلم الاكثر بكل هذه الفضائل ؟
الجديد هو ما أكتشفته بعد ثورة 25 يناير أن الثوار الحقيقيون ليسوا ثوار التحرير ( ولثوار التحرير كل الفضل والاحترام )الثوار الحقيقيون هم من ثاروا وحدهم هم من قالوا لا عندما كان الجميع يقول نعم فى وضعية الركوع احيانا وفى وضعية السجود احيانا اخرى .
من ضمن هؤلاء الثوار يقف د. محمد السيد سعيد رحمه الله موقفا لم نألفه فى مثقفى مصر فى العصر الحديث
فوحده محمد السيد سعيد قال كلمة الحق في وجه السلطان الجائر..في وجهه حقاً وأمام عينيه، لا عبر وسطاء أو في رسائل ومناشدات. كان دكتور محمد السيد سعيد واحد من الذين قالوا كلمة الحق في وجه سلطان جائر .. واحد من صناع الثورة الحقيقيين رغم ان الموت غيبه فلم يشهد انتصارها( ولد الراحل فى بور سعيد فى 28يونيو 1950وتوفى بعد صراع مع المرض فى 10 اكتوبر 2009) .
قال للرئيس لا في وجهه قبل أن يخرج ملايين المصريين ليعلنوا نهاية عصر مبارك انه واحد من قليلين قالوا للغولة عينك حمرا في وجهها .. وقالوا للمستبد انت مستبد في وجهه وليس من وراء حجاب.
كان المفكرون والمثقفون المصريون قد اعتادوا على انتقاد النظام من بعيد لبعيد ثم إذا وقفوا بين يدي الرئيس المخلوع نسوا كل أفكارهم المختلفة مع سياساته وجلسوا يستفسرون منه بحياء العذارى عن القضايا التي تشغلهم ثم يصمتون بعد إجاباته التي غالباً ما تأتي مقتضبة ونمطية على شاكلة “لا رجعة عن الديمقراطية” و”لا مساس بمحدودي الدخل” و”سنستمر في دفع عجلة التنمية”؛ وهو ما جعل اللقاء السنوي للرئيس بالأدباء والمثقفين في معرض الكتاب مكلمة عبثية على طريقة الحوار من طرف واحد.
في 16 يناير 2005 وقبل الثورة بأكثر من 5 سنوات قالها محمد سيد سعيد ولم يخف .. خرق د.محمد بروتوكولات الخشوع في حضرة الذات الرئاسية ووجه انتقادات حقيقة لمبارك الذي يبدو أنه لم يصدق ما يحدث وتعامل مع الراحل الكبير بخشونة لا تليق برئيس دعا المثقفين من تلقاء نفسه ليسمع آراءهم.
لم يساند أي من الحاضرين د.محمد السيد سعيد في مطالبه الديمقراطية رغم أنهم لا يكفون عن ترديدها بعيداً عن الرئيس، وبعدها اتصل موظف بهيئة الكتاب ليبلغ المفكر الكبير بإلغاء ندواته في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو الذي كان عضوا في اللجنة العليا التي تحدد برنامج المعرض خلال السنوات السابقة على لقائه بالرئيس.
ولأنه كان مؤمناً بأن ما يفعله أمر طبيعي وموقف بديهي لمثقف يرغب في إصلاح أحوال بلاده، امتنع الراحل عن المتاجرة بهذه الواقعة، تماماً كما فعل بعد تعرضه للتعذيب الوحشي عام 1989 إثر تضامنه مع إضراب عمال الحديد والصلب، ولم يستغل أياً من الحادثتين ليجني احتراماً أو إعجاباً بشجاعة امتلكها حقاً ودفع ثمنها حتى النهاية.
لكنه اضطر لتوثيق ماجرى بينه وبين مبارك بعدما تعددت القصص والروايات حول الواقعة ليتداخل فيها الخيال بالواقع؛ فرواها على صفحات جريدة السفير اللبنانية ((فبراير 2005 ))
يروي د.محمد السيد سعيد:
بإيجاز شديد أنا طلبت الكلمة. كان ذلك بعد عدد من المثقفين البارزين. وانا اعرف ان أجمل شيء في الرئيس مبارك انه يسمع.ولذلك طلبت ان أخذ فرصة للتعبير عن وجهة نظر مختلفة وبقدر الامكان متكاملة في حدود الوقت المتاح. كان كلام الرئيس يدور حول السكان وارتفاع معدلات الزيادة بشكل خطير. وكان المتحدث السابق فيما اذكر الأستاذ وحيد حامد وطالب بوضع قواعد ليحصل من ينجب طفلين على صحة وتعليم وأي طفل آخر يتحمل هو التكاليف. انا قلت للرئيس ان موضوع السكان محسوم من الناحية العلمية. في بورخارست اجتمع العلماء تحت مظلة الأمم المتحدة وقالوا ان التنمية تحل مشكلة السكان. والتقدم يحل مشكلة السكان.لا طريقة غير التقدم والتنمية لحل مشكلة السكان. لان السكان ومعدلات الزيادة ليست مشكلة في حد ذاتها. مع معدلات تنمية مرتفعة يمكن إعادة التوازن بين الموارد والسكان. هذه النظرية اسمها العلمي “الانتقال السكاني”.
انا لم اقل كل هذه التفاصيل للرئيس لكنني ذكرت ان هناك نظرية علمية نوقشت في بوخارست وهنا في القاهرة في مؤتمر السكان 1994 اكدت ان التنمية والتقدم هما اللذان يخفضان من معدل النمو السكاني وليس العكس.
المشكلة جاءت من اين؟! قلت للرئيس..: “حضرتك تكلمت وكأننا حققنا انجازاً اقتصادياً وهذا غير صحيح بالمطلق. نحن من أقل دول العالم في الأداء الاقتصادي. وخلال 15 سنة لم نتخط ابدا نسبة 3 ونصف % بينما تحقق ماليزيا 8 % والصين 11 % وكوريا من 7 إلى 9 % وعشرات من دول أخرى تحقق أرقاماً فلكية. نحن لا نستطيع الانطلاق ولا كسر سقف الـ3ونصف %. لماذا؟! سألته مرة اخرى. واجتهدت في إجابة.. قلت:”.. هذه قصة طويلة جداً ومعقدة. لكنني سأشير إلى عامل وحيد وهو سحق كرامة المصريين. المصري في بلده مهان. ومن شهرين القي القبض على اعداد تراوح من 2000 إلى 5000 مصري من ابناء العريش بعد تفجيرات طابا. هؤلاء تعرضوا للصعق بالكهرباء واطفئت السجائر في اجسادهم. هذا يجعل المصري مقهوراً في بلاده وليس فخوراً بها. وحضرتك شخصيا مسؤول عن كرامة المصريين وفقا للدستور.المسؤولية الأولى لرئيس الدولة هي كرامة المصري”.
هنا علق الرئيس:” كيف تقول خمسة آلاف اعتقلوا دى سينا كلها ما تجيش كلها خمستلاف”.
وواصلت:”عندما نقول للمصري انه فخور ببلاده لابد ان يكون هناك ما يجعله يصدق الفكرة. المصري عنصر كريم. والمصريون هم من أكثر شعوب العالم دماثة والتفزيع منهم والتخويف منهم عمل خطر. والمفتاح لهم بسيط جداً وهو ان يتعامل المصري بكرامة في مؤسسات الإدارة العامة ومن جهة جهاز الدولة وخاصة جهاز الأمن”.
لماذا لا يحدث هذا يا ريس؟
سألت من جديد.
وقدمت إجابة.. قلت:”..لان الدستور(دستور1971) لا يحمي الحريات العامة وحقوق الإنسان حماية كافية. نحن لا نريد تعديل الدستور. نريد دستوراً جديدا اولاً يحمي كرامة المصريين وحقوقهم الانسانية وحرياتهم العامة حماية صارمة.. حماية قوية. هذا ما يمكنه ان ينعش احساس المصري بالكرامة وبالفخر ببلده..”.
ولماذا لا يحدث هذا يا ريس..؟
سألت.
واكملت اجابتي وقلت:”.. لان دستور 1971 مبنيّ على فكرة الحكم المطلق. وتمت صياغته على كيان دستوري واحد هو حضرتك شخصياً. طيب.. نحن مطمئنون لك ونقول ربما يكون هذا مناسبا لمرحلة معينة. لكن حضرتك شخصياً الست قلقا على مستقبل مصر عندما يأتي شخص ما يملك كل السلطات المطلقة بيده ويكون مثلاً اقل رصانة أو أقل حكمة أو حتى بنصف عقل. اليس هذا سببا للقلق؟.. من اجل هذا يا ريس نحن نريد دستوراً يوزع السلطات ويحقق التوازن بين السلطات وينشر السلطة ويقربها للشعب..”.
هنا قال الرئيس: “..هذا غير صحيح انا ليس عندي سلطات مطلقة.. الحكومة هي التي تعمل معظم الحاجات..”.
قلت: “على فكرة يا ريس هذا ليس صحيحاً بالمطلق ايضاً.. اذا رجعنا إلى دستور 1971 لا يوجد شيء اسمه الحكومة. يوجد رئيس دولة يساعده نظام وزاري. مجلس الوزراء ليس له كيان دستوري. هناك تعبير اوسع هو السلطة التنفيذية..”.
مرت هذه النقطة واكملت كلامي:”.. نحن لا نريد حكماً مطلقاً. نريد برلماناً قوياً ونقابات قوية والحرية يكون لها حماية دستورية. وحضرتك تشكو من “انك مش لاقي وزراء” وهذه ظاهرة تسمى في المجال السياسي “انكماش النخبة السياسية”. وتحدث لان قنوات المشاركة على جميع المستويات مغلقة. نحن ليس عندنا أحزاب حقيقية ولا نقابات حقيقية ولا جمعيات أهلية حقيقية. وبالتالي لابد من دستور يفتح القنوات المغلقة. ويكون الحماية الحقيقية لمصر. وسيكون لدينا نخبة خرجت من باطن المجتمع تعرفه جيداً تتبنى طموحاته واماله””.
اظن كان هذا جوهر كلامي للرئيس.
واثناء الخروج من اللقاء قال الرئيس: “..ما تضيعوش البلد من ايديكم.. الذين يطالبون بالاصلاح يريدون العودة إلى ما قبل 1952 عندما كانت تشكل حكومة كل 6 أشهر.. هل تريدون هذا الوضع”.. قلت له:” يا ريس إن القضية قبل 1952 أنه كان لدينا ملك يريد الاستئثار بالسلطة مما حدا به أن ينقلب سبع مرات على الدستور والدستور الديمقراطى يكفل الاستقرار لأى بلد وعلى أى حال أنا لدى تصور عن هذا التعديل يمكننى تقديمه لسيادتك فى ورقة مكتوبة عن إصلاح سياسى ودستوري”.
فقال لي: “الورقة دى حطها فى جيبك وأنت متطرف وعلى فكرة بقى أنا بافهم أحسن منك”.
وكانت علامات الغضب بادية على وجهه ولم أصدق أننى سأخرج سليماً من هناك
وفى نهاية المقال ا يجب علينا ان نتذكر كلمات من نور تبين فضل هذا الرجل :
عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر.
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
وعن أبي بكر الصديق أنه قال أيها الناس إنكم تقرءون
((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) المائدة 105
وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك
أن يعمهم الله بعقاب منه.أخرجه الترمذي.
11اكتوبر بلقاس مصر
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)